[[color=red]b][font=Arial Black][right]قصة الصيدلة قصة قديمة بدأت مع الانسان مع بداية المرض عندما بدأ يبحث عن الطرق التي تزيل آلامه و تخفف أوجاعه كان هذا ميلاد الصيدلة والنواة الأولى لها. طبعا تاريخ الصيدلة هو نفسه تاريخ الطب فلا يتصور تطبب بلا دواء ولا دواء بلا تتطبب وقد كانت مهنتي الطب والصيدلة متلازمتين في الممارسة يعني الطبيب هو نفسه الصيدلي يشحص المرض ويصف الدواء واستمر الأمر على هذا الحال منذ بدء التاريخ وحتى القرن الثامن الميلادي حيث ظهرت الصيدلة كمهنة قائمة بذاتها مستقلة عن الطب في عهد الخليفة المنصور وشهد ذلك العهد مولد أول صيدلية عرفها التاريخ في مدينة بغداد ويعد هذا الحدث واحدا من ابرز بصمات المسلمين في مهنة الصيدلة..
من الصعب تحديد أول ظهور للصيدلة والمفاهيم الصيدلانية بدقة لأن آراء المؤرخين الصادقين في هذا المجال غير متفقة والمدونات متفاوتة كما ان الأمر كغيره يعتريه ما يعتريه من كذب وخرافة وتدليس لذلك اجتهد الناس بآرائهم بل تفلسفوا ونظروا فمنهم من قال ان الصيدلة والطب علوم الهية الهمها الله تعالى للناس منهم ابقراط وجالينوس ومنهم من يقول انها من علوم الأنبياء والأصفياء وهنالك فرق تقول ان علم الطب والصيدلة من العلوم المحدثة لأن العقاقير عموما حديثة المعرفة من قبل البشر طبعا باب التنظير والجدل باب واسع فيه الغث والسمين لكن نحن كمسلمين نعرف أن الله جل وعلا خلق الانسان للعبادة وسخر له كل معينات هذه المهمة بما في ذلك الوقاية وعلاج الأمراض وهذا التسخير _ في مجال الدواء خاصة _ يتقف في معناه العام لكل الناس لكن قد تختلف صوره من زمان لزمان من مكان لمكان ومن انسان لآخر وذلك أن الأمراض تختلف باختلاف الأمكنة و الأزمنة والبشر يختلفون عملا وعلما ومعرفة وفهما على هذا فمن الممكن ان تكون معرفة الدواء بأن ينور الله بصيرة الانسان و فكره لدواء معين أو أن يلهمه ذلك الهاما بلا عقلانية وبلا تفكير وقد يكرم الله عز وجل من شاء من عباده كيف شاء بأن يهديه لمعرفة الأدوية وما يدفع بها أمراضه و يحفظ بها صحته وكل ذلك داخل في قوله تعالى ( والذي قدر فهدى ) وقوله ( الذي أعطى كل شي خلقه ثم هدى) ومن الهداية العامة أكل وشرب النافع دون غيره وقد يدخل فيها معرفة الدواء والله أعلم..
من أين أتت كلمة صيدلة؟ أصل هذه الكلمة على الراجح من الكلمة الفارسية جندن التي تعني العطر المستخلص من خشب الصندل تحولت جندن الي جندل ثم الى صندل فالصيدلي اذن هو الجندلاني الصندلاني الصندلي والصيدلاني وكانت تعني الشخص الذي يجمع الأعشاب النافعة للتطبب وكذلك الصيدلة هي صيدنة وصندلة, هنالك مصطلحات في اللغة اللاتينية مقابلة للصندلاني منها pigmentarius وتعني الصباغ, aromatarius وتعني العطار و herbarius وتعني العشاب. . أما كلمة pharmacy و التي تعني الصيدلة أو الصيدلية فذات أصل يوناني على الأرجح من الجذر pharmacon الذي كان يعني تعويذة سحر ثم أصبح سما وترجم أخيرا الى عقار وقيل انه كان يطلق على الشخصين الذين كانا يقادان خارج المدينة (اثينا) في عيد الخبز الأول المصنوع من القمح الجديد كرمز لتطهير المدينة من كل سوء فكان هذان الشخصان يقومان في ذلك الحفل بدور الفارماكون يعني المطهر. هنالك ايضا كلمة apothecary مستعملة في بعض البلدان وتعني صيدلية وهي ايضا ذات اصل يوناني تعني دكان او مخزن دواء. وكلمة دكان تعني في الأصل مكان لبيع الدواء!!. كذلك من الكلمات الشائعة والتي قل استعمالها في العصر الحديث كلمة ترياق Theriaca وهي في الاصل اسم لقصيدة اغريقية تتحدث عن بعض الحيوانات السامة أثارت هذه القصيدة حفيظة أحد الملوك في ذلك العهد والذي كان يخشى غدر أعدائه أو اغتياله بالسم فأمر طبيبه أن يصنع له مزيج من العقاقير بحيث يكون مضادا لجميع السموم ومن ثم انتقلت هذه الوصفة الى ملوك روما وعدل فيها بعض أطباء القصر وأضافوا اليها سم الأفاعي وقد أعجب جالينوس بها كثيرا وهو الذي سماها ترياق Theriac بعدها شاع أمر الترياق وصار رمزا للبلسم الشافي من كل سم والدواء الناجح لأي داء ولكن في عصر النهضة كشف الناس سر تركيبة الترياق ووجدوه مجرد اسطورة وذخيرة فشنك حتى ان أحد الأطباء قال: إن الترياق لايحوي سوى قمامة الدكاكين.
عبر رحلتها من تلك الأزمان وحتى عصرنا الحاضر ,مرت الصيدلة بمراحل و أطوار مختلفة وتشربت بحضارات وثقافات متعددة فقد كانت كهانة وسحرا وخرافة وشعوذة ثم صارت خفايا وأسرار يملكها بعض الناس دون غيرهم وبعد ذلك صارت خبرات يتوارثها الناس عبرالأجيال لكن بلا علم ولا دليل الى أن صارت الصيدلة علما له أصول وفروع مبنية على التجربة والبرهان وله قوانين وتشريعات تحدد وبدقة عمل الصيدلي وواجباته ومسؤلياته تجاه المرضى وسلامتهم. تفرع هذا العلم في عصرنا الحاضر تفرعا شديدا وكثرت تخصصاته خاصة في الدول المتقدمة بحيث يصعب حصرها ناهيك عن الجمع بينها واما في دول العالم (النائمة) _والمسلمون منهم للأسف_ فالأمر يشبه الى حد كبير تلك الصور البدائية للصيدلة والله المستعان. المهم, عبر تلك الرحلة الطويلة وضع كل أقوام بصمتهم في هذا العلم و أدوا أدوارهم تجاه هذه المهنة بدءا من السومريون والبابليون والآشوريون مرورا بالفراعنة والاغريق والرومان وانتهاءا بالمسلمين والعرب ثم العصر الحديث ولكن تبقى كلمة المسلمين هي العليا.
و حتى لا نطيل نتوقف عند هذا الحد وان يسر الله تكلمنا عن دور المسلمين في النهوض بهذا العلم وتطويره في مرات قادمة. هذا والحمد لله. [/right][/font][/b][/color]